جودة الإبداع لا التفرغ- هزال النتاج الثقافي وأثره.
المؤلف: عزيزة المانع08.09.2025

عندما نتناول قضية ضعف الإنتاج الثقافي والأدبي الراهن، يعمد البعض إلى تعليل ذلك بانشغال الكُتّاب والأدباء بمساعي أخرى لكسب لقمة العيش، مما يستنزف أوقاتهم وطاقاتهم، ولا يترك لهم حيزاً للإبداع. هذا العذر الذي يسوقه البعض، يدفعهم للمطالبة بتفرّغ أصحاب الأقلام من وظائفهم التي يزاولونها لكسب الرزق، وصرف رواتب شهرية لهم لقاء تفرغهم للعمل الثقافي والأدبي.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل تفرّغ الكُتّاب والأدباء للإبداع الأدبي والثقافي، يضمن بالضرورة جودة المنتج الذي سيصدر عنهم؟ التفرغ للكتابة قد يكون حافزاً لزيادة الإنتاج، لكنه لا يكفل سموّه ورصانته.
في عهد دولة المماليك في مصر (648- 923هـ)، كان يُطلق على العلماء من حملة الأقلام لقب "المنعمين"، لأنهم لم يكونوا مُلزمين بالعمل من أجل كسب الرزق، بل كانت تُصرف لهم أجورٌ تكفيهم من الأوقاف المخصصة للإنفاق على العلماء وطلاب العلم، كالمدارس والخَوانِق والأربطة، التي كان يتبرع بها المحسنون لطلاب العلم.
بعبارة أخرى، كان العلماء من أصحاب القلم في تلك الحقبة متفرغين لطلب العلم والإنتاج المعرفي، ولم يكونوا منشغلين بعمل آخر لكسب الرزق. فماذا كانت النتيجة؟ ازدهر التأليف ونشطت الحركة العلمية بالفعل، لكن هذا النشاط كان يركز على الكمّ، أما الكيف والجودة فكانت موضع شك!
إذ كانت أغلب المؤلفات آنذاك عبارة عن مختصرات أو شروح أو تعليقات على المؤلفات السابقة، ونادراً ما احتوت على إبداع جديد أو إضافة قيّمة. فضلاً عن ذلك، انتشر بين أولئك المتفرغين نوع من العبث الأدبي، حيث اتجهوا إلى الإسهاب في الزخرفة اللفظية والمباهاة بتنميق الكلمات والتلاعب بها، مما يندرج في إطار الترفيه والتسلية ولا يضيف شيئاً إلى المعرفة أو الفكر.
وخلاصة القول، إن ما نعانيه من ضعف في الإنتاج الثقافي والفكري لا يرتبط بضيق الوقت بقدر ما يرتبط بعوامل أخرى، كالموهبة الفطرية، والاجتهاد في العمل، والحرص على الإتقان والجودة. فالمبدعون الحقيقيون، مهما كانت أوقاتهم ضيقة، لا يعجزون عن إيجاد الوقت لممارسة ما يعشقون.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل تفرّغ الكُتّاب والأدباء للإبداع الأدبي والثقافي، يضمن بالضرورة جودة المنتج الذي سيصدر عنهم؟ التفرغ للكتابة قد يكون حافزاً لزيادة الإنتاج، لكنه لا يكفل سموّه ورصانته.
في عهد دولة المماليك في مصر (648- 923هـ)، كان يُطلق على العلماء من حملة الأقلام لقب "المنعمين"، لأنهم لم يكونوا مُلزمين بالعمل من أجل كسب الرزق، بل كانت تُصرف لهم أجورٌ تكفيهم من الأوقاف المخصصة للإنفاق على العلماء وطلاب العلم، كالمدارس والخَوانِق والأربطة، التي كان يتبرع بها المحسنون لطلاب العلم.
بعبارة أخرى، كان العلماء من أصحاب القلم في تلك الحقبة متفرغين لطلب العلم والإنتاج المعرفي، ولم يكونوا منشغلين بعمل آخر لكسب الرزق. فماذا كانت النتيجة؟ ازدهر التأليف ونشطت الحركة العلمية بالفعل، لكن هذا النشاط كان يركز على الكمّ، أما الكيف والجودة فكانت موضع شك!
إذ كانت أغلب المؤلفات آنذاك عبارة عن مختصرات أو شروح أو تعليقات على المؤلفات السابقة، ونادراً ما احتوت على إبداع جديد أو إضافة قيّمة. فضلاً عن ذلك، انتشر بين أولئك المتفرغين نوع من العبث الأدبي، حيث اتجهوا إلى الإسهاب في الزخرفة اللفظية والمباهاة بتنميق الكلمات والتلاعب بها، مما يندرج في إطار الترفيه والتسلية ولا يضيف شيئاً إلى المعرفة أو الفكر.
وخلاصة القول، إن ما نعانيه من ضعف في الإنتاج الثقافي والفكري لا يرتبط بضيق الوقت بقدر ما يرتبط بعوامل أخرى، كالموهبة الفطرية، والاجتهاد في العمل، والحرص على الإتقان والجودة. فالمبدعون الحقيقيون، مهما كانت أوقاتهم ضيقة، لا يعجزون عن إيجاد الوقت لممارسة ما يعشقون.